ما هو القانون و تاريخ تطور فكرة القانون في الشرائع المختلفة.
الجزء الاول تعريف القانون و تاريخ نشأة القانون(صفة القانون في عهد القوة)
اولا: تعريف القانون تعريف :
هو مجموعة من القواعد العامة المجردة التى تنظم سلوك اعضاء المجتمع و تتضمن جزءا ماديا يوقع حالا ضد من يخالفها
فمن هذا التعريف يتضح لنا أن القواعد القانونية هى قواعد تحكم سلوك أعضاء المجتمع سواء من شخصيات طبيعية أو اعتبارية فهى قواعد اباحة أو منع فضلا عن أهم خصائصها فى كونها قواعد عامة مجردة لا تخاطب شخصا بذاته ولم يتم إنشاءها بخصوص واقعة معينه بعينها بل هى قواعد موجهة إلى جميع الاشخاص فى المجتمع بصفتهم اعضاء فى هذا المجتمع ، و تتناول وقائع تتصف بشروط معينة ؛ و سبب اتصافها بالتجريد كون انها تطبق بصفة عامة على كل شخص يتوافر فيه الصفات المقرره وتسرى على كل ، واقعة تتوافر فيها شروط تطبيق تلك القاعدة؛ و يؤدى ذلك الى تحقيق المساواة بين اعضاء المجتمع و الى استقرار تطبيق القواعد القانونية .
و بالتأكيد هذه الشروط لم تتصف بها القواعد القانونية منذ نشأتها انما تتصف بها القواعد القانونية التى انشأت فى عهد حديث نسبيا و انما ليس فى فجر ظهور ما يسمى بالقواعد القانونية . و يجب كذلك ان لا نغفل فى التعريف عنصرا اخر مهم ، وصفة اساسية من صفات القاعدة القانونية و هى صفة الالزام ، فالقواعد القانونية ملزمة من حيث أن مخالفة القاعدة يضع المخالف تحت طائلة توقيع الجزاء عليه و يكون هذا الجزاء جزاء مادى قد يكون الحبس مثلا أو غرامة أو اى شكل من اشكال العقاب حيث انه الجزاء فى القاعدة القانونية ظاهر و محسوس و ليس كمجرد جزاء معنوى أو ما يعرف باللإلام الشخصى و الذى هو بالتأكيد يحوية الجزاء المادى . فلا يتصور وجود جزاء مادى دون ألم نفسى للذى يوقع عليه الجزاء و هذا ىالجزاء حال أى يوقع بمجرد مخالفة القاعدة القانونية و هنا يختلف عن قواعد الدين و الاخلاق فى الجزاء فقد يكون الجزاء فى الدين اخروى اى بعد الموت و الجزاء فى القانون يوقع من قبل السلطة المختصة أو السلطة الحاكمة .
**يتم دراسة القانون من خلال دراسة حاضرة و ماضية و مستقبلة فالدراسة التى تتم على القانون فى الماضى تسمى تاريخ القانون و أما التى تتم على القانون المطبق حاليا تسمى دراسة القانون الوضعى أما الدراسة التى تتم على القوانين المستقبلة تسمى السياسة التشريعية و فى سلسة المقالات هذه سوف نتحدث عن تاريخ القانون و فلسفتة .
و اهم النظم القانونية التى يجب أن نتحدث عنها هى النظم القانونية التى ظهرت فى الشرق بفعل الشرائع السامية و كذلك فى الغرب الشرائع الارية و التى تتمثل فى الاغريق و الجرمان و الرومان و التى سيطرت على الشرق فى وقت ما حتى استرد الشرق نفوذه ووضعة فى تاريخ التشريع بظهور الاسلام حتى حدث فى مرحلة من مراحل التاريخ التغير مره اخرى فى الشرق و الاتجاه الى القوانين الغربية تارة اخرى و كل ذلك سوف نفصلة فى هذه المقالة التى تعد فى حد ذاتها بحثا فى تاريخ القانون .
ثانيا : تاريخ نشأة القانون:
إن الانسان بطبيعته كائن اجتماعى و له غرائز مختلفة و منها حب البقاء و المحافظة على جنسة و ان يحيى فى جماعة دون العزلة و محاولة السيطرة و استغلال الطبيعة فضلا عن انه كائن انانى الطباع اى انه يحاول اشباع رغباته دون النظر الى مدى تاثير ذلك على الاخرين فى المجتمع مما كان سببا فى وجود النزاعات و الخلافات فى الجماعة البشرية مما ادى الى الالتجاء الى القوة للتعامل مع المنافسين و اقصائهم من الطريق كخصوم الا أن الانسان بتجربته توصل الى ان الالتجاء الى القوة فى التنازع و ما الى ذلك ينتهى بالجماعة الانسانية إلى الفوضى لان لا احد سوف يستطيع ان يفعل ما يريد لان كل شخص يحاول أن يفعل ما يريد و يصطدم ذلك مع رغبة افراد اخرين فى الجماعة و لذلك ظهرت غريزة حب النظام لتنظيم سلوك الجماعة و الحد من الانانية الفردية و بالتالى تتجلى مجموعة من التقاليد التى تحدد قواعد السلوك و التى يبرمج الافراد سلوكهم بما يتوافق مع هذه التقاليد .
ليتحقق الامن و بالتالى ينتفع الجميع بما يريدون وفق نظام من تقاليد معينه و هنا تضح اهمية القانون أو القواعد التى تحكم المجتمع مهما كانت بسيطة و لقد مرت القاعدة القانونية بعدة مراحل تطور على مر العصور و تنقسم العصور التاريخية فى تاريخ القانون إلى عدة عصور و هى :
- عصر الانتقام الفردى
-عهد التقاليد الدينية
-عهد التقاليد العرفي
-التدوين
1- عهد القوة
فى هذا العهد كان يتم حفظ النظام فى المجتمع عن طريق القوة و لم يكن هناك قانون بالمعنى المفهوم لنا الان انما مجموعة من المشاعر و الغرائز التى كانت تؤثر فى قرارات الانسان و كان المظهر الخارجى لهذه المشاعر و الغرائز هو استعمال القوة و هذه المرحلة ظلت سائدة حتى بداية العصر الحجرى الحديث حيث ظل الانسان فيها يعتمد على جمع الطعام .
2- عهد التقاليد الدينية :
و هنا يظهر القانون بشكل احكام من الالة و قواعد تستمد إلزامها و قوتها من أوامر الإله و هنا كان لرجال الدين السلطان الاول فى المجمتع و ظهر هنا القانون فى هذا الشكل بعد معرفة الانسان للزراعة و ظلت هذه الحقبة فى هذه الصورة من تطبيق و مصدر القانون حتى اهتدت المجتمعات للكتابة فدونت بعض الشعوب قوانينها .
3- ععهد التقاليد العرفية :
و فى هذا العهد انفصل السلطتين الزمنية و الدينية عن بعضهما و ترتب على ذلك انفصال الدين عن القانون مما ادى الى ظهور العرف كمصدر للقانون و الذى كان من نتائجة تخصيص بعض الناس من المجتمع فى شرح و تفسير تلك القواعد العرفية و بيان مجال تطبيقها و الذى بدوره كان نتيجته ان ظهر الفقة كمصدر للقانون فى المجتمعات التى ابتدأت فيها الدولة تظهر ككيان يشبة الشكل الحديث فكان هناك التشريع كمصدر ثانوى لانشاء القواعد القانونة .
4- التدوين :
من المعلوم ان الانسان و منذ اكتشافه للكتابة و تغيرت حياتة و تغير مسار التاريخ من بعد ذلك فى كل مناحى الحياة و كان اثر ذلك على القانون أن قامت بعض المجتمعات بتدوين قانونها و نشره بين الناس إما فى صورة مدونة قانونية تصدر من المشرع أو فى صورة سجلات عرفية لا تصدر من المشرع كما فى شكل الدولة الحديثة انما تصدر من المختصين و يطلق عليها المدونات و رغم اهمية التدوين و اكشاف الكتابة الا انه لم يمثل مرحلة جديدة من مراحل نشأة القاعدة القانونية لانه ما كان الا تسجيل شئ كان موجود بالفعل اى انه لم يستحدث ما يسمى بالقواعد القانونية انما كان التدوين استمرار لمرحلتى التقاليد الدينية و التقاليد العرفية .
و سوف نتناول كل هذه المراحل بشئ من التفسير و الشرح الوجيز دون التعمق و كثرة التفاصيل للوقوف فيها على نظام العقوبة و التقاضى و الحكم و نظام الملكية و المعاملات و ذلك على النحو الاتى :
المطلب الاول :صفة القانون فى عهد القوة :
فى البداية يجب علينا ان نقف على الحالة الاجتماعية و الاقتصادية و الدينية لنتعرف على البيئة التى ظهرت فيها القاعدة القانونية و فلسفة نشوء هذه القاعدة بهذا الشكل فى مثل هذا العهد. و يثور شكى فى هذا العهد بسبب هل القواعد التى كانت موجوده فيه ترتقى الى مرتبة القواعد القانونية من عدمة ؟!و الاجابة على هذا السؤال سوف يتناولها تعقيبى فى نهاية المقال .
*الحالة الاجتماعية
فى هذا المطلب نبدأ بأن العلماء اجمعوا على ان الانسان الاول كان يعيش فى جماعة و ان ذاته تفنى داخلها الا انه حدث خلاف بين العلماء حول نوع هذه الجماعة هل هى (الاسرة) و هي الاسرة الابوية التى هى قائمة على رابطة الدم فيكون جميع الافراد فى هذه الاسرة خاضعين للاب أو الجد و التى اتسعت مع الوقت و شملت المنضمين للاسرة عن طريق التبنى او الزواج او المستجيرين بها او عن طريق الرق و انضمام افراد للاسرة او الخروج منها معلق على موافقة كبير هذه الاسرة فهو يستطيع أن ينفى من الاسرة من يشاء أو يقبل عضوية من يشاء فيها و هذه الاسرة وحدة سياسية و اقتصادية و اجتماعية قائمة .
أم (القبيلة ) و التى يرى فريق آخر من العلماء أن الانسان الاول كان يعيش فى جماعة تتكون من مجموعة من الافراد قد يكونوا عدة اسر ضمتهم الظروف و الحاجة و المنفعة الى بعضهم البعض للتعاون فى مجابهة الخطر دون ان تشمل الجميع رابطة قربة من خلال الدم كما فى الاسرة او ان يخضعوا حتى لضوابط العلاقة الجنسية فكانت النساء مشاعا للرجال و الولد لا ينسب لغير أمة و كل ذلك كان قبل ظهور نظام الدولة فكانت هذه القبيلة وحدة سياسية و اجتماعية و و اقتصادية مستقلة عن غيرها من القبائل و الجماعات المشابهة و تكونت الدولة من مجموعة من هذه القبائل التى اندمجت معا بعد ان استقرت فى ارض معينة على ضفاف الانهار و مصادر الماء و تغير حياتهم من الحصول على الغذاء من خلال الالتقاط الى الزراعة و الرعى .
و اعتمد العلماء علي حالات مشابه فى العصر الحديث لتأكيد هذه الفرضية و هذه الجماعات التى تعيش فى وسط اسيا فى الغابات او فى بعض مناطق افريقيا او امريكا الجنوبية و بالتأكيد تعرضت هذه الفرضية للنقد .
و اخيرا جاءت ما يسمى فكرة (العشيرة التوتمية) حيث يفترض العلماء هنا ان الانسان الاول عاش فى جماعة اكبر من الاسرة و اصغر من القبلية و يرتبطون فيما بينهم برابط خرافى هو انهم جميعا ينتسبون الى توتم واحد هو عبارة عن حيوان أو نبات أو جماد تعتقد الجماعة انها تناسلت منه و يشتركون جميعا فى حمل اسمه و يقدسونه و يتعبدوا اليه و طبعا هذه الجماعة وحدة سياسة و اجتماعية و اقتصادية مستقلة و يفنى الفرد داخلها و كانت تتصف ايضا بالشوعية الجنسية كما فى القبلية و تعيش هذه الجماعة حياة ترحال و تنقل حتى تم الاستقرار بجوار موارد الماء و اكتشاف الزراعة.
* الحالة الاقتصادية
كانت الحياة الاقتصادية فى هذا العهد تتلخص فى ان الانسان يقوم بالالتقاط و جمع الحشرات و بعض الحيوانت ليتغذى عليها و حتى نهاية العصر الحجرى و بعد ذلك اكشف الزراعة بشكل بدائى فلم يكن عنده ادوات سوى بعض الحجارة او عظام الحيوانات او نسيج ينسجة من النباتات و ذلك لاستخدامة فى حياتة اليومية أو صيد الاسماك و لم يكن لديه أى نوع من انواع الصناعة و كان الجمع و الالتقاط يعتمعد فيه على النساء و الاطفال و كان الرجال يقوموا بمهمات الصيد .
* الديانة
فى هذا العهد كما قرر علماء التاريخ أن الديانة ظهرت نتيجة عدة عوامل و اهمها الخوف و الامل لما يحيط بيه من مخلوقات و ظواهر طبيعية من رعد و برق و شمس و قمر و بعض الحيوانات التى يخشاها و التى استئنثها و كان اعتقاد الانسان البدائى أن كل ما يدور حولة من موجودات هى كائنات حية لها ذاتيه مثل الانسان و انها تتصرف مثل الانسان و ان لها اراده و رغبه و شهية مثله و انها تفرح و تغضب و تنجب اطفال مثل الانسان و قد اراد الانسان تطويع بعض هذه الظواهر و اراد ان يأمن شر بعضها فلجأ الى عبادة بعضها و لكنها كانت عبادات تقترب من السحر أكثر منها الى العقائد الدينية فى النظم الاجتماعية و القانونية فى المجتمع البدائى فكان الانسان الاول يعتقد فى وجود الارواح فى كل الاشياء الجامدة أو الحية و فى الظواهر الكوينة مما جعل الانسان يتبنى فكرة الثأر فإذا ما قتل حيوان مفترس انسان مثلا وجب على الجماعة أن تقتل حيوان من نفس هذا النوع ثأرا لاخيهم فى الجماعة و لو تعثر فى فرع شجرة يرجع على هذا الفرع و يثأر منه و ذلك ادى الى اقصاء مصدر الضرر وهذا نظام شائع فى الشرائع القديمة و طبعا فى النظام التوتمى الذى كان فى بعض الجماعات ادى الى اعتبار الحيوان او الكائن الذى تناسلوا منه اخوهم أو ابوهم و بالتالى حرموت صيده أو اكله و يتعبدون اليه و يقدسوه فكان نظام الدين فى هذه الجماعات يشبة كثيرا ما يعتنقه فى العصر الحالى بعض قبائل اواسط اسيا و القبائل التى تسكن الغابات اى انه يشبة طقوس سحر و ما شابه .
* النظام القانونى فى عهد القوة
الزواج و الاسرة/ كان هناك العديد من الطرق فى تحديد العلاقات بين الرجال و النساء فى المجتمعات القديمة و هذه الطرق تختلف من جماعة الى اخرى و بعض هذه الطرق هي الشوعية الجنسية و هى ان تكون كل النساء لكل رجال الجماعة و ينسب الولد لأمه و فى اواخر هذا العصر مع انتشار الزراعة بدأ تظهر فكرة الزواج الفردى فكان لكل رجل أمرأة واحدة او بجانب ذلك تعددت الزوجات للرجل الواحد و تعددت صور علاقة الرجل بالمرأة فمنها - زواج الخطف أو الاسر - زواج المتعة - زواج الشاغر و هو ما يعرف الان بزواج البدل اى أن الرجل يتزوج امرأة و يزوج احدى قرباته الى قريب زوجته - و كذلك الزواج بالتراضى و شرطة رضا اقارب كلا الزوجين و طبعا فى غالب الامر يكون الزواج برضا الاقارب دون رضا الزوجين انفسهم و اختلفت موانع الزواج من جماعة الى اخرى و كان المانع من الزواج شئ مقدس لا يجوز مخالفته او الخروج علية و الا لاقى من يخالفه اشد العقاب فمن حالات المنع - منع زواج الاقارب كليا و فى حالات اخرى - يبيح الزواج حتى من الاخت و قد حكى التاريخ عن كثير من هذه الحلات فى حالات اخرى يكون - تحرم الزواج من غير خارج الاسرة نفسها أو الجماعة - و محرم الزواج من خارجها و فى بعض الجماعات تأخذ بنسب الاولاد لامهم و هى الاسرة الامية و البعض الاخر يأخذ بنسب الاولاد لابيهم و هى الاسرة الابوية و بالنسبة للطلاق فبعض الجماعات يقر هذا الحق للزوجين معا و بعضها الاخر تقره للرجل فقط و كانت حالات الطلاق نادره بكل تأكيد .
* الملكية
بالنسبة لفكرة الملكية فهذه فكرة بعيدة التصور الا فى الادوات و المعدات بمعنى المنقولات اما الاراضى فكانت فكرتها فى العهد الحديث من هذا العصر تختلط بفكرة الحيازة فكلاهما يعبر عن نفس المعنى فى هذا العهد فالمنقولات طبعا مملوكة لمن يحوزها و يستخدمها باستمرار أما ملكية الطعام أو ما يكون مصدر له فلم يكن سوى مشاع للجماعة و كان يتم توزيعه طبقا لقواعد معينه اتفق عليها اعضاء هذه الجماعة و نعتقد أن هذا الاتفاق لم يكن اتفاق بالمعنى التعاقدى انما ما جرت عليه الامور و العادة عندهم .
* نظام الحكم
كان الافراد اعضاء فى جماعات مستقلة عن بعضها و اعضاء كل جماعة يرتبطون فيما بينهم بروابط قربي و اتفاق فى العبادة و كانت الجماعات تتقارب فى وقت ما مما ادى الى تكوين ما يسمى القبيلة و التى كانت تعد نظام سياسى أو اجتماعى متضامن مع بعضة ضد أى كيان اخر موازى من قبائل اخرى و ظهر داخل كل جماعة أو قبيلة طبقة معينة كانت هى صاحبة القوة و الامر و النهى و هى التى كانت تفرض القواعد و تطبقها على افراد الجماعة أى انها هى السلطة التنظيمية للجماعة أو القبيلة و كانت هذه السلطات فى يد من يسمى شيخ القبيلة أو رئيس القبيلة .
وكانت سلطات شيخ القبيلة هذا تظهر فى وقت الحرب بأن يقود جماعته إليها و فى وقت السلم فى توزيع العمل و الطعام على اعضاء القبيلة المتساوين فى الحقوق و الواجبات و كان شيخ القبيلة بالطبع له نصيب الاسد من المغانم و مع تطور الزمن اصبح منصب شيخ أو رئيس القبيلة هذا يورث فى بعض الجماعات أو بالاحرى اغلبها .
* العقوبات
من اسم المطلب يتضح لنا أن القصاص الفردى هو السمة المميزة لهذا العهد و كانت القوة هى التى تحكم معظم التصرفات و التعاملات بين الافراد سواء داخل الجماعة أو علاقة الجماعة بجماعة اخرى .
داخل الجماعة يجب التمييز بين التصرفات التى قد تضر بصالح الجماعة كاملة و بين الافاعل التى قد تضر بفرد من هذه الجماعة فافعال النوع الاول فى هذه الحالة كان يطبق العقاب من قبل شيوخ القبيلة أو ما يمكن أن نسمية بالسلطة الحاكمة فيها و كانت احكامهم تتصف بالشدة التى قد تصل الى الاعدام أو النفى .
أما النوع الثانى و هو الاعتداء على احد افراد الجماعة فكان المكلف بالعقاب عو الشخص المعتدى عليه فهو من يختار العقوبة التى يحاول أن يوقعها على المعتدى و كان افراد الجماعة ما الا متفرجون فقط ولا ينحازون ألى اى من الطرفين.
أما فى حالة حدوث مشكلة مع احد افراد الجماعة مع جماعة اخرى أو احد اعضاء جماعة اخرى فهنا يكون التضامن مع عضو الجماعة من باقى افراد جماعته سواء كان الجانى أو المجنى عليه و هذا كان يتسبب فى حروب كثيرة بين القبائل أو الجماعات المختلفة و كانت الجماعة القوية هى التى تفصل النزاع لصالحها و هى التى كانت تفرض سطوتها .
و بالطبع لم يستمر هذا الوضع كثيرا بل حل بدل هذه الحروب فيما بعد بدائل للصلح بعد اكتشاف كبار القبائل ان هذه الحروب ما هى الا دمار للجميع فكان هناك الصلح و الذى كان يأخد صورة من عدة صور على سبيل المثال التحكيم ,المبارزة , خلع الجانى , تسليم الجانى , القصاص , و الدية
و من خلال دراسة هذا العهد تتجلى اهم عناصره التى كانت المدر الاساسى أو وقود القاعدة الملزمة و هو عنصر القوة
* سمة العصر :القوة تحمى الحق و تنشئه
اساس العلاقات فى هذا العهد هو القوة فالطابع السائد فى المجتمعات البدائية هو الانتقام الفردى فلقد ساد مدلول القوة تحمى الحق و تنشئة لانه من الجائز أن نقول أن الحروب كانت محور علاقة افراد الجماعة الواحدة أو الجماعات المختلفة فكل تعدى على ما يراه الانسان أو الفرد حقا له يعتبره اهانه لا يمحوها الى الالتجاء الى القوة بغض النظر عن صورة هذا الاعتداء سواء الاعتداء على شخصة أو على شئ يخصه أو يحوزه .
و بالطبع لما كان عدد الافراد قليلا و أن الموارد كانت كثيرة و حاجة الانسان كانت ضئيلة فلم يكن هناك نزاعات كثيرة انما بدأت هذه النزعات تكثر عندما زاد عدد البشر و كذلك زادت متطلبات الفرد و حاجياته و اتضح هذا بعد اهتداء الانسان للزراعة و بالطبع ما حدث من تضامن بين افراد الجماعة و عند بدء تكوين مجتمعات و لو صغيرة على مستوى الجماعة أو القبيلة ظهرت هنا العصبية القبلية و بالتالى زادت ظاهرة العنف أو الالتجاء الى القوة.
و بالنظر الى نوع الجزاءات التى كانت تطبق على من يوجب عليه الجزاء و الذى يتمثل طبعا فى استعمال القوة فلم تكن هذه الجزاءات نتيجة عرف أو تشريع أو فقه لانه لا يتصور وجود هذا فى هذا العصر انما كان هذا نتيجة الضرورة و ظروف الحياة كتعبير عن غريزة الانسان و لا يمكن وصف هذه العادات و التقاليد بأنها قانون بمفهوم اليوم على الرغم من كونها قواعد سلوك يسير الناس على تعاليمها الا انها تفقتد قاعدة العمومية و التجريد و كذلك الجزاء المنظم لكننا يمكن ان نقول انها بذرة قاعدة قانونية .
عندما حدث ثبات نسبى للمجتمع و استقراره نوعا ما كانت بعض التقاليد تتكرر و ذلك كان سببا فى ان يراها الفرد و الجماعة بنوع من الاحترام و القدسية و من المعلوم أن التقاليد المتكرره تكون عامل مهم من عوامل الاستقرار و يجب ان نلاحظ هنا عدم وجود سلطة عامة تجبر الافراد على احترام تلك التقاليد و العادات الا انه وجد احساس لدى الجماعة و الفرد باستحسان أو استهجان لفعل معين يأتيه الفرد و لذلك كان الرأى العام فى الجماعة سببا مهما لدفع الافراد على احترام تلك العادات و التقاليد التى نشأت فى الجماعة و بالطبع عملت الديانات البدائية و الطقوس التى تشبه طقوس السحر ايضا على احترام تلك القواعد و العادات و التقاليد و من دوافع ذلك احساس الفرد بأنه اذا خالف تلك القواعد سوف يعرض نفسة إلى عقاب الرب و من ضمن وسائل حفظ النظام و احترام العادات و التقاليد ما كان لرؤساء الجماعات أو القبائل من سلطة أو بمعنى اصح كلمة تسمع و تحترم رضاءا أو جبرا حيث أن رؤساء الجماعات هذه كان لهم من القوة ما يجعل الجميع فى حالة هيبة منهم و انصياع لأمرهم .
لمتابعة الجزء الثاني اضغط هنا
و للجزء الثالث اضغط هنا
و انتظرونا في الاجزاء التالية مع تمانياتنا بالتوفيق للجميع
تعليقات
إرسال تعليق